اثمرت عبارة "أنا شارلي" واثمرت الادانات التي جاءت على خلفية الاعتداء على ما سمي باللهجة الغربية "حرية تعبير" أما عربياً جاء التنديد على شكل تبرير أن الاسلام لا يعبر عن هكذا تصرف.
تضامنوا معها وصرخوا من اجلها، نحن نعرف أن التضامن جاء ضد الجريمة، وإن جرى الاختلاف بشأن سلوك الصحيفة نفسها. ولكن اين هي اصوات الغربيون ، حين تتعرض شارلي ابيدو لدين بأكمله ولشعوب بأكملها ألا يستحق منها أن ترفع الصوت عالياً، كونهم يطالبون بالاحترام والاعتراف بالاخر وحرية العقيدة؟!.
هذا العالم الغربي بحسب ما قاله رئيس مركز فهد السالم لحوار الحضارات والدفاع عن الحريات الشيخ فهد سالم العلي الصباح في تعليق له على حسابه "انستغرام" بعد التعرض لرسول الله من قبل هذه الصحيفة: "أن هذا العالم، والمفتَرض أنه يدين بالديانة المسيحية، التي تقول على لسان السيد عيسى المسيح «ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه؟!» هذا العالم فقد اتصاله، أو يكاد، بتعاليم هذه الديانة السمحاء، ومن ثم تنكّر لمبادئها الداعية إلى السلام والتسامح والمحبة، بعد أن طغت عليه المادية، وسيطرت الرأسمالية على مراكز القرار السياسية والاجتماعية، فكانت الفلسفة «البراغماتية» أو الفلسفة النفعية هي سيدة الموقف.
بعد هذه التوطئة الموجزة، صار الحكم بأنّ مفعول وتأثير الديانات السماوية في الغرب، في تراجع مستمر، وأن مساحة الالتزام بالأخلاق في تقلص حاد لدرجة أن الغرب قد ضحَّى بالأخلاق المرتبطة بالديانات السماوية على مذبح مادية التكنولوجيا، التي أفقدته قيماً إنسانية ارتبطت بها قواعد السلوك الاجتماعي، بحيث يسود التسامح وتعم المحبة ويغمر السلام الجميع، بحسب ما جاء في تعليقه. معتبرا أنه كان لا بد لنا من إلقاء هذه النظرة العابرة قبل نقاش ما يجري في العالم الغربي من المساس بشخص النبي محمد (ص) عبر محاولات بعض العاملين في مؤسسات الرأي والإعلام، النيل من قداسة هذا النبي العظيم، بناءً على خطة مبرمجة بعناية، رُصدت لها ميزانيات مالية، ومنابر ومؤسسات للدفاع عنها وإدراجها في عداد «حرية الرأي».وهذا زعم أثبتت الوقائع والمجريات كذبه لا سيما بعد التشريعات الأوروبية بالدفاع عن «السامية» ومعاقبة كل من تسوّل له نفسه، حتى بمجرد التساؤل عن «الهولوكوست» أو ما يُسّمى بالمحرقة النازية، وما حصل للمفكّر الفرنسي روجيه غارودي خير دليل على ما ذهبنا إليه.
لذلك عبارة "أنا شارلي" اعطت قوة لأخلاقية لهذه الصحيفة المخصصة للسخرية بشكل عام والتي تخصص ايضا عدد من صفحاتها في كل مرة يطلب منها او تراه هي مناسباً لتحصد ملايين الدولارات وهي تسيء للاسلام ولنبيه الأكرم (ص).
ونقلا عما اورده الشيخ فهد السالم على حسابه في انستغرام أنه وبعد تكرار التعرض لنبي المسلمين الرسول الأكرم (ص)، والإصرار على إنزاله إلى مستوى التداول، والتعاطي مع شخصيته السامية بطريقة تبعث على عدم الاحترام، سواء بالكتابة كما فعل سلمان رشدي، أو بالكاريكاتور كما جرت العادة في فرنسا وبعض الدول السكندينافية وصولا إلى الأفلام الأميركية. هذه الأمور تدل بما لا يدع مجالاً للشك، على أنها تجري بناءً على خطة مدروسة تقوم بها دوائر مختصة يمكن أن تكون مرجعيتها تابعة للإسرائيليين، أو من هم في متناول يدهم، وذلك بهدف تصوير النبي العظيم (ص) بطريقة تظهر صورته مشوّهة بعيدةً كل البعد عن الحقيقة، ولكنها ترسخ في أذهان العالم معبرة عنه تعبيراً في غاية التجنّي، فيصير في معرض التداول «فوبيا» تقفز إلى الأذهان كلما ذكر اسمه، أو جرى الحديث عنه، فلا تضطر هذه الدوائر لتبيان المواصفات «السيئة»، ولا تحتاج للإسهاب في شرح أكاذيبها وافتراءاتها، بحيث تنوب القوالب النمطية في ترسيخ الصورة، ويستحيل الوهم حقيقةً لا مراء فيها.
ويقول ايضا قد نجحت هذه الدوائر الغربية المتحالفة مع الصهيونية، في ترسيخ «فوبيا» عن العرب والمسلمين، بحيث لم يعد الأوروبي أو الأميركي، مضطراً للبحث عن مواصفات العربي والمسلم، بل تبعاً لهذه «الفوبيا» أصبح العربي والمسلم متّصفاً بقوالب نمطية جاهزة: فهو انفعالي يحب النساء، لا يصبر على المطالعة ولا يبحث عن المعرفة، وهو شهواني شره، وبالتالي فهو عدواني ذو طبع يميل إلى الغدر والإرهاب.
وهكذا تسنّى للغرب أن يبني مواقفه وفقاً لهذه «الفوبيا»، فصار العربي المدافع عن حقه في الحياة والكرامة إرهابياً، وصار الإرهاب صفةً ملازمةً للعربي يُعرف بها وتُعرف به..
فهنا نسأل أي فرنسا وأي أوروبا ستكون بعد هذا الاعتداء، خصوصا في ظل تصاعد ظاهرة "الإسلاموفوبيا" لا في الغرب وحده، بل أيضا في العالم العربي حيث باتت "الإسلاموفوبيا" سلاحا في يد المدافعين عن الطغاة.
وهل سيشكل الاعتداء رافعة لليمين المتطرف أم مناسبة لمراجعة السياسات تجاه المهاجرين؟ وهل يندرج ما كانت تنشره الصحيفة ضمن إطار حرية التعبير أم أنه يقارب حدود العنصرية؟