تونس- سامي السلامي: أعلنت تونس على لسان وزير خارجيتها الطيب البكوش عن إعادة علاقاتها مع سوريا بصفة تدريجية بعد قطعها سنة 2012 بقرار من الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي. وأوضح البكوش أن دمشق قد ردّت بشكل إيجابي على مبادرة تونس، مبرزا أن قطع العلاقات مع الحكومة السورية "أضر كثيرا بمصالح الجالية التونسية المقيمة في سوريا"، والمقدرة بنحو 6 آلاف شخص. اختلاف ايديولوجي وانطلاقا من هذا الحدث السياسي الهام، عقد البرلمان التونسي امس الجمعة 3 أفريل 2015 وحتى ساعة متأخرة من الليل جلسة مساءلة لحكومة نداء تونس التي يقودها الحبيب الصيد، أثيرت خلالها وبقوة مسألة عودة العلاقات الديبلوماسية مع سوريا، تفاوتت خلالها التدخلات واختلفت فيها الردود بحدة بين يمين مستنكر لطبيعة القرار، ويسار مرحب له. وندّدت قيادات حركة النهضة الاسلامية وفي مقدمتها وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية في حكومة الترويكا (2011 – 2014) سمير ديلو، بما أعلنه الطيب البكوش، واعتبر ذلك منافيا لمبدأ الحياد و تدخلا صارخا في الصراع القائم في سوريا، بينما حيت قيادات الجبهة الشعبية اليسارية قرار الخارجية التونسية ووصفته بعض الأطراف القومية كزوجة الشهيد محمد البراهمي الذي اغتيل صائفة 2013، بالخطوة الثورية وفي مصلحة تونس التي تعاني من بروز ظاهرة الارهاب المرتبطة بالتنظيمات المتطرّفة في سوريا. الاسلام السياسي الرافض وفي تصريح خاص لـ"المستقبل"، أكد القيادي في حركة النهضة الاسلامية محمد بن سالم والوزير الأسبف في حكومة الترويكا والذي يعدّ أحد أبرز صقور النهضة، أنّ قرار اعادة التمثيل الديبلوماسي بين تونس وسوريا هو قرار غير صائب بالمرة، وقد غلبت عليه المسائل الايديولويجية على المصالح الوطنية التونسية. وأوضح بن سالم متهكما على الحكومة الحالية، أنّ مواقف الخارجية التونسية أضحت اليوم لا تراعي المسائل المبدئية ولا تناصر الشعوب العربية المناضلة من أجل الحرية والديمقراطية.. وأضاف قائلا أنّ تصريحات وزير الخارجية الحالي غير مسؤولة بالمرّة، ودائما ما تخلّف المشاكل مع الأشقاء والجيران، كما حصل مع ليبيا والجزائر، بعد أن اعترف بحكومتي طبرق و طرابلس المتصارعتان على السلطة في ليبيا، ووقف الى جانبب الضربات الجوية المصرية على ليبيا، لافتا الى أنّ تصريحات الطيب البكوش دائما ما تكون في غير محلها ولا تنفذ باعتبارها تسويفية على حدّ تعبيره. قرار تاريخي شجاع وفي الجهة المقابلة لليمن وللاسلام السياسي، ثمّن القيادي البارز في الجبهة الشعبية، وأمين عام حزب التيار الشعبي ذو التوجه القومي الناصري في تصريح خاص لـ"المستقبل"، قرار اعادة التمثيل الديبلوماسي مع سوريا، معتبرا اياه قرارا شجاعا وتاريخيا رغم تأخر اعلانه. واتهم محدّثنا حكومة الترويكا السابقة التي كانت تقودها حركة النهضة الاسلامية خلال المرحلة الانتقالية التي شهدتها تونس على امتداد 3 سنوات، بتنفيذ اجندات خارجية لتدمير سوريا، عبر املاءات تركية وقطرية، مشيرا الى أنّ قطع العلاقات مع دمشق لم يستفد منه غير أعداء تونس والأمة العربية. كما دعا قيادي الجبهة الشعبية التي تمثل المعارضة في المشهد السياسي الجديد، الحكومة الحالية التي أفرزتها انتخابات 26 أكتوبر 2014، الى المضي قدما نحو تصحيح انحراف السياسة الخارجية، والعدول عن الاعتراف بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي تشكّل في الدوحة أواخر سنة 2012، مبينا أنّ الدواعي من هذا المطلب هو ثبوت عمالة المعارضة السورية للقوى الغربية الاستعمارية، وسعيها المتواصل للتآمر على سوريا وشعبها الصامد، خدمة وحماية لأمن اسرائيل، على حدّ وصفه. مصير الجالية التونسية وبعيدا عن رؤى السياسين التي تدفعها الايديولوجيا، وبتطرّقنا لمواقف ومكونات المجتمع المدني التي لها علاقة مباشرة بالشأن السوري، أفاد رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج محمد اقبال بن رجب في تصريح خاص لـ"المستقبل" أنّ طريقة قطع العلاقة مع دمشق قبل ثلاث سنوات كانت عشوائية ولم تراعي فيها الجهات الرسمية التونسية مآسي الجالية التونسية المتواجدة في سوريا ومعاناتها لويلات الحرب بين أبناء الوطن الواحد. وأضاف بن رجب، أنّ تجميد العلاقات الدبلوماسية مع سوريا انجرّ عنه غياب التواصل مع الجالية، وعدم معرفة مصير 43 تونسيا كانوا قد اتجهوا الى سوريا للقتال، وكانت السلطات السورية قد أعلنت عفوها عنهم سابقا، لتبيّنها عدم حملهم للسلاح، وعدم قيامهم بأعمال ارهابية و المشاركة في سفك دماء السوريين. و اختتم تصريحه بالتأكيد على أنّ اعادة التمثيل الدبلوماسي بين تونس وسوريا سيخدم أمن البلدين، و من شأنه أن يساهم عبر التنسيق المتبادل و المشترك في الكشف عن الشبكات الارهابية والخلايا النائمة. رؤى المرزوقي والسبسي هذا وقد كانت عودة العلاقات التونسية السورية ضمن محاور برنامج رئيس الجمهورية التونسي الحالي الباجي قائد السبسي و وضمن أولوية حزبه الحاكم نداء تونس ذو الخلفية الليبرالية الذي يرى في عودتها استعادة لمكانة الديبلوماسية التونسية واعادة اعتبار للسياسة الخارجية التي جعلت من تونس منذ استقلالها سنة 1956 محل احترام دولي. كما تجدر الاشارة الى أنّ الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي كان قد أعلن في تصريحات اعلامية أثناء حملته الانتخابية أواخر السنة الماضية، أنّه لن يعيد العلاقات مع سوريا اذا فاز بالمنصب الرئاسي. وقال بالحرف الواحد "لن أعيد السفير التونسي الى دمشق ولن أسمح بدخول السفير السوري" مشدّدا على أنّ قرار قطع العلاقات مع النظام السوري لم يكن خطآ. كما تابع بالقول "ما قام به النظام السوري ضدّ أبناء بلده يعتبر جريمة حرب وما قمت به ليس تورطا في مشاريع أجنبية وانّما رد على تجاوزات الانسانية وبحق الشعب السوري الأعزل". انتهى ا.ع . |
المصدر : المستقبل