انتصرت المقاومة الفلسطينية في غزة وقيادات العدو الصهيوني تلمام نفسها من ساحات السياسة وتحاول أن تبرر عجزها بتصريحات لتحاول أن تلمع صورتها أمام الجماهير الصهيونية الغاضبة من سلوك قياداتها العسكرية والسياسية. ونتنياهو يدافع عن أدائه خلال العدوان على قطاع غزة بمقارنة نفسه بالولايات المتحدة وحربها مع تنظيم "القاعدة" ليبرّر اخفاقاته، قائلا: ان "تدمير "تنظيم ارهابي" (حماس) ليس بالأمر السهل، فالولايات المتحدة نفسها لم تستطع تدمير تنطيم القاعدة"، على حد زعمه.
المعركة العسكرية لعملية الجرف الصامد إذا انتهت؛ وبدأت المعركة على تفاصيل سرد الرواية في الداخل الصهيوني الغاصب ويتساءلون ماذا حققت اسرائيل من حربها على غزة؟
منسق شبكة "أمان للدراسات الاستراتيجية" المحلل السياسي أنيس النقاش يؤكد بهذا الصدد أن "كيان العدو بعدوانه الاخير على غزة يؤكد للمرة الثالثة أن قوة جيشه غير قادرة على تحقيق الأهداف السياسية المتوخاة من هذا العدوان وانها فشلت في تحقيق اي انتصار من خلاله". من جهته، رأى العميد الركن المتقاعد الياس فرحات أن "قيمة نصر غزة وأهميته تكمن في التفاوت الكبير بين قدرات المقاومة وقدرات العدو الهائلة والتي حوّلت الحرب من صراع عسكري إلى صراع إرادات" .
ففي محيط نتنياهو ويعالون تقول القناة العاشرة أنهما اشاروا إلى أن حماس وافقت على وقف إطلاق النار نتيجة الضربة القاسية التي تلقتها، وكذلك لم تحصل على أي شرطٍ من الشروط التي طالبت بها في البداية كشرطٍ لوقف إطلاق النار، مثل تحرير أسرى او الموافقة على إقامة مرفأ.
لكن بحسب المحلل السياسي في القناة العاشرة موآف فاردي، أيضاً "إسرائيل" لم تحصل حالياً على شيء. لا استعادة جثث ولا تجريد [القطاع من الأسلحة] الذي كان أحد مطالب نتنياهو.. وفي المقابل يمكن لحماس أن تزعم، وبحق، أنه فقط بفضل الحرب ضد "إسرائيل" حصلت على تسهيلات، مثل زيادة دخول البضائع عبر المعابر وتوسيع نطاق الصيد البحري.
وفيما امتنع نتنياهو عن الإشارة إلى اضطرار "إسرائيل" على الموافقة على فتح المعابر وإدخال البضائع إلى قطاع غزة وتوسيع منطقة صيد الأسماك، وهي مطالب فلسطينية هامة، تجاهل نتنياهو أن هناك مفاوضات ستجري حول مطالب أخرى.
وفي اطار التجاهل، قال نتنياهو إن "حماس لم تحصل على شيء من مطالبها وأنه لم تتم الموافقة على إقامة ميناء ومطار وتحرير أسرى، اعتقلوا بعد خطف المستوطنين الثلاثة، وأنه لم تتم الموافقة على وساطة قطرية أو تركية وعلى ترميم مؤسسات حماس في الضفة".
في ميزان واقع الأمور يمكن القول أن اسرائيل فقدت عطف كثير من حلفائها وتواجه عزلة سياسية دولية واسعة وأزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب سياستها. وخسرت في المسلسل السردي بالحديث عن بطولاتها بعد أن خسرت فرصة القول أنها قادرة على الردع والقبة الحديدة التي كانت تسعى إلى تسويقها في حربها على غزة دليل شاهد على فشلها. ومشهد هروب المستوطنين الى الملاجئ وحالة الهلع التي اصابت سكان اسرائيل كلها تؤكد ضعف الجيش الصهيوني في الرد.
أضف إلى هذا لا سلاح انتزع ولا الرايات البيضاء رفعت، ولا الانفاق دمرت، والناس لم تنتفض على المقاومة الفلسطينية بعد تدمير منازلها. وأهم ما فشلت به اسرائيل هو عدم قدرتها على التفرقة بين الفلسطينيين حيث المصالحة كرست وقربتهم أكثر من أي وقت مضى.
شعب غزة فرح لنصره على الآلة الحربية الصهيونية ويلملم جراحه بفخر بنصر تاريخي استثنائي، وخرج يحتفل مع قياداته أما اسرائيل ستدخل في معمعة التحقيقات وتبادل الاتهامات ، وسيفقد نتنياهو مستقبله السياسي وقد تذهب الأمور إلى انتخابات مبكرة.