هؤلاء المرضى الذي استولى "الايبولا" عليهم سيموتون ويدفنون ومأساتهم ستنتقل إلى آخرين، شيء مؤلم فعلاً ما يحصل هناك في البلد التي خطفت اللقب من جنوب افريقيا لتصير اكبر اقتصاد في القارة الافريية بعدما أعلنت الحكومة عن تعديلات لإحصاءات الناتج القومي للبلاد خلال عام 2013 من خلال إضافة موارد جديدة، وهي في المرتبة 26 على لائحة اكبر الاقتصادات في العالم.
وهي التي صارت مرشحة ان تمثل القارة في المجموعة العشرين بدل جنوب افريقيا، وليس مستبعداً أن تنضم الى دول منظمة "البريكس" الخمسون التي تضم اقوى الاقتصادات ومع ذلك لاتزال هذه الدولة متأخرة من حيث بنيتها التحتية ناهيك عن ضعف الخدمات العامة والصدمة الكبرى أن اكثر من 51% من سكان نيجيريا البالغ عددهم 170 مليون شخص وحسب احصاء البنك الدولي يعاشون في اقل من 1$ في اليوم الواحد، وأكثر دول القارة سكانا، والفقر مرتبط جزئيا ببنية نيجيريا الادارية.
وامام هذه الواقعة لا يحتاج الأمر إلى تفسير فإن الارقام التي جعلت من نيجيريا في المرتبة 26 على لائحة اكبر الاقتصادات في العالم تبقى حبراً على ورق لأن الشعب يريد وظائف وطعام.
ولأن الفساد أحد ثالث أهم المخاطر التي تواجه نيجيريا بعد ظاهرة ما يعرف بــ"بوكو حرام" ومؤخراً "ايبولا" ، فهذا الفساد كان من ابرز فصوله ، قيام رئيس الجمهورية بفصل محافظ البنك المركزي لمجرد أنه شكك في اختفاء ملايين الدولارات من عائدات النفظ الضخمة التي اختفت دون أن يعرف من ابتعلها.
وأمام كل ما تقدم لا يمكننا أن الا نتذكر حين لقي سبعة أشخاص مصرعهم خلال تدافع في استاد نيجيريا الوطني بالعاصمة أبوجا أثناء حشد لشباب كانوا يسعون لوظائف في مؤسسة الهجرة، وظهر التدافع الذي وقع مدى اليأس في العثور على فرصة عمل في نيجيريا صاحبة هذه الرتبة من أكبر اقتصاد في إفريقيا.
فالبطالة يمكن تشبيهها بالقنبلة الموقوته لأنها تغذي العنف وترفع نسبة الفقر ، والأخطر من ذلك ان العديد من المواطنين، وخاصة الشباب، يلجئون الي الإنضمام الي جماعات متطرفة سواء اسلامية مثل بوكو حرام أو مسيحية مثل منظمة تحرير دلتا النيجر ، التي هدد أعضاؤها مؤخرا بشن هجمات علي منشآت البترول بسبب تردي أوضاعهم المعيشية.
وبالنسبة أن نيجيريا هي الدولة الاولى المنتجة للنفط في افريقيا، فان اكتشاف النفط قبل نصف قرن كان بمثابة "لعنة" مثلما حصل لدول اخرى غنية بالمواد الاولية. فقد اهملت قطاعات كانت مزدهرة في الماضي، وتفشى الفساد وبات الاقتصاد يتوقف على اسعار الخام في الاسواق العالمية.
وافاد تقرير صدر اخيرا عن مكتب الاحصاءات الوطني ان 61,2% من سكان نيجيريا كانوا يعيشون عام 2010 باقل من دولار في اليوم، مقابل 51,6% عام 2004.
وفي المقابل، فان اقتصاد الدولة الاكبر عدديا في افريقيا والبالغ عدد سكانها 170 مليون نسمة، سجل نموا منتظما بمعدل 7,6% سنويا بين 2003 و2010، بحسب ارقام البنك الدولي.
فان الهيمنة على القطاع النفطي الذي قلما يوظف، على باقي الاقتصاد لم يكن مفيدا للاكثر فقرا لا سيما وانه ادى الى اهمال قطاعات اساسية مثل الزراعة، وفشلت في تطبيق سياسة زراعية فاعلة.
فهذا البلد الذي من الممكن أن يستغل المساحات الزراعية الشاسعة بدل ان يتم استيرادها وخاصة الرز الذي يعتبر غذاء اساسي للاغنياء والفقراء على السواء
ويعد هذا البلد 36 ولاية ومنطقة فدرالية تقع فيها العاصمة ابوجا. ولفتت رانسومي-كوتي الى ان حكام الولايات يتمتعون بصلاحيات وميزانيات مهمة غالبا ما يستخدمونها للاثراء الشخصي، والشعب يعاني الفقر والجهل.