وكثر الجدل حول اتفاقية تقاسم السلطة، في افغانستان البعض يقول أنها جاءت بإملاءات خارجية بهدف تعزيز السيطرة على القرار الوطني الأفغاني، وآخرون يرون أنها اتفاقية جاءت لتحل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد.
واهم ما في الأمر أن أزمة المناصب انتهت في افغانستان ولو أنها بضغوط امريكية قضت إلى توقيع الفرقاء اتفاقية تقاسم السلطة ليتسلم اشرف غني الرئاسة وعبدالله عبدالله السلطة ويرى المطلعون أن هذه الاتفاقية هي من أجل تأمين توقيع الاتفاقية الامنية الامريكية – الافغانية وبعدها يتم تفكيك الامور، وخاصة أن الدستور الافغاني لا يسمح بتقاسم السلطة على هذا الاساس وخاصة انه لا يقر بمنصب لوزير الوزراء.
وقد يؤدي التفكك الى تدهور كبير على خلفية هذه الخصومات الاتنية في سيناريو يذكر بالحرب الاهلية في التسعينيات والتي اسهمت في وصول طالبان الى الحكم، وخاصة أن حركة طالبان الأفغانية قد وصفت اتفاق تقاسم السلطة بالمؤامرة الأميركية للسيطرة على البلاد، معتبرة أن تنصيب الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني وتشكيل إدارة جديدة "أمر لا يقبله الأفغان".
وتعهدت الحركة بمواصلة حربها ضد الحكومة والقوات الأجنبية في أفغانستان، وقالت إن النتائج التي تم التوصل إليها شأنها "شأن الانتخابات مخزية ومزورة"، وإن الشعب الأفغاني رفض عبر التاريخ -ما وصفها- بـ"حكومات الدمى".
وانقسم الشارع الافغاني حول الاتفاقية التي تمحورت الأراء حولها منهم من يعارض هذه الاتفاقية وانها اتفاقية جاءت بإملاءات، وطرف اخر يعتبرها اتفاقية انقاذية اخرجت البلاد من المأزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الراهن وانها وسيلة لاختيار مستقبلهم وانها جنبت البلاد الحرب الأهلية، وهناك جهات يعترفون بايجابية هذه الاتفاقية ويقرون أيضا بنفس الوقت بأنها تحمل ايضا الجوانب السلبية وان مع الوقت ستتكشف الامور وتبين لهم هل هي اتفاقية على الورق وهل سيكون لها جوانب عملية؟
يرى المراقبون أن الحكومة الأفغانية المقبلة ستكون هشة، يمكن انهيارها في أي وقت، لأن في داخلها أكثر من مركز للقوة، ويقودها وجهان معارضان، أحمد زاي، الذي ينتمي عرقياً إلى قبائل البشتون والمعروف بصرامته في قراراته، وعبد الله (أو أحد أنصاره، والذي سيتم تعيينه على المنصب التنفيذي أو منصب رئيس الوزراء)، الذي ينتمي عرقياً إلى الطاجيك، وهو أحد أبرز وجوه جبهة الشمال، الحليفة الأولى للولايات المتحدة في حربها ضد طالبان والقاعدة.
وحتى ان الشكوك تدور حول قدرة الرئيس الجديد في تطبيق سياساته، التي أعلن عنها أثناء حملته الانتخابية. لكن في المقابل، فإن الحكومة المتفق عليها ستخدم المصالح الأميركية في المنطقة، وتتعاون معها في الوصول إلى أهدافها، وهو ما ظهر في تصريحات وزير الخارجية الأميركي عندما وصل إلى أفغانستان للوساطة بين المرشحين، إذ أعلن صراحة أن الحل الأمثل هو الحكومة المشتركة بين المرشحين. ويرى بعض المراقبين أن أزمة الرئاسيات كانت من صنع الولايات المتحدة وحلفائها لأنها ستخدم مصالحها في المنطقة.