خبر كان منتظر وكان متوقعاً أن يأتي يوما نسمع فيه أن دولة قطر تطلب من قيادات الأخوان مغادرة اراضيها، وبعد الخبر حدد كل منهم اتجاهه، وما بعد الخبر وبعد تحديد الاتجاه لقيادات الاخوان المتشتتين وكما يبدو في الأفق فإن آخرون سيلحقون بالقيادات الاخوانية ويعانون من الشتات.
هذا الخبر الذي شغل الرأي العام العربي تحدثت عنه الصحف العربية والعالمية وانتشر بسرعة البرق على مواقع التواصل وصار حديث الكبير والصغير كون الخبر له وقعه الخاص لأن المعروف ان
دولة قطر هي الداعمة لهم منذ اكثر ما يزيد عن سنة ونصف السنة..
ما هي الدوافع التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار؟ وما هي علاقة القرار القطري بمؤتمر التصدي "لداعش" الذي انقعد بالمملكة العربية السعودية، وماذا بعد الشتات هل ستقبض مصر على المطلوبين منهم ؟؟
في شهر ابريل من هذا العام ارسلت المملكة العربية السعودية عبر مجلس التعاون الخليجي إلى قطر رسالة تضمنت مطالبات تمحورت حول ضرورة اتخاذ قرار قطري يعاد فيه النظر بمسيرتها الاعلامية والسياسية والتمويلية محددة بموعد نهائي لتنفذ ما طلب منها وهو تاريخ 21-8-2014 وخلال هذه المدة لم تبادر قطر إلى اي خطوة في تنفيذ هذه المطالب وعلى أثرها بدأت الأخبار القادمة الينا تشير الى حصار مرتقب وتعليق عضوية في مجلس التعاون وبالتالي وجدت قطر نفسها محاصرة على المستوين الثقافي والدبلوماسي ، وبدأ التوتر.
وفي من شهر ابريل إلى نهاية اغسطس كان الجانب السعودي أكثر قوة بقراره وقراه كان متصلباً رافضاً التنازل او الحلول الوسطية لأنه قرار ينطلق من حرص المملكة على الدائرة الخليجية، وفي طياته خوف على مستقبل الاشقاء الذي وجد من احتضان ودعمها للاخوان المسلمين أمر غير مقبولا ومحموداً للخليج.
التوقعات كانت تتزايد والاحتمالات كانت تتضاعف أمام ان يغير الموقف السعودي رأيه أو أن تتنازل قطر وتنفذ المطالب هنا رفعت المملكة العربية السعودية من لهجتها واصدرت قرارا يقضي باغلاق الحدود البرية بين البلدين مما يؤثر على الاقتصاد القطري.
فكانت الزيارة التي قام بها للرياض الامير تميم بن حمد والتالية التي قام بها الأمير متعب للدوحة لم تأتي في مصلحة تنشيط المصالحة الداخلية وتوترت الامور اكثر نظراً لما قامت بها قطر من دور ابان حرب غزة محاولة أن تربح هذه الورقة لتصير ورقة قوة بيدها عبر افشال مفاوضات وقف اطلاق النار برعاية مصرية وكان الجانب القطري بالتعاون مع تركيا افشال هذه المفاوضات.
وعلى اثر بث قناة الجزيرة خبراً مفاده أن دولة الامارات العربية المتحدة تجسس على المقاومة الفلسطينية ، تعرضت العلاقات الاماراتية القطرية إلى اهزاز جديد.
ولم تكتفي قطر بذلك إنما اصرت قطر على مواصلة علاقاتها بتركيا التي هاجمت بقسوة العاهل السعودية وتطاولت عليه ولم تشعر قطر بأي غيرة على المملكة وعلى رأسها العاهل السعودي
فهنا جاء قرار جديد يلوح بالافق للمملكة العربية السعودية في تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي.
الوصول إلى أخر مهلة وآخر انذار والا سيتم تنفيذ العقوبات وهي إغلاق الحدود البرية، وتحويل قرار التصحيح الى قرار ايقاف الجزيرة تماما حسب آخر المعلومات، في تشدد واضح يقف خلفه تحديدا سمو الأمير سعود الفيصل.
وكان ايضا مسألة سحب السفراء بيان اصدرته الدول الثلاث السعودية والامارات والبحرين لم يحمل الاسباب الرئيسية وراء الأزمة ولكن لو تأملنا الظروف والاحداث نجد أن هذا القرار وخاصة الرياض التي تريد الضغط على الدوحة بما يتاح لها أن تحجم دور قطر وتلقينها درسا وتحد من دورها وتحجم دورها في التدخل في الشؤون العربية والخليجية ايضاً وحشرها في زاوية وحملها على الخضوع وحرمانها من اللعب بين السعودية وسوريا والسعودية وايران وامركيا وايران.
الدوحة حاولت التواصل مع الكويت والبحرين وسلطنة عمان على أمل تخفيف حدة هذه الشروط، خصوصا وان التنفيذ الفعلي لإغلاق الحدود له تأثيرات اقتصادية على قطر، إنما جاء الرد من السلطنة بالاعتذار والكويت لا يمكن أن تقف الى جانب قطر ضد المطالب السعودية والبحرينية وخاصة أن ما تبثه قناة الجزيرة يهدد الشعور القومي الاماراتي وهذا لا يمكن أن تقبله الكويت وخاصة أن التوتر السعودي القطري لم يكن وليدة لحظة إنما كان نتيجة معطيات ملموسة للدور القطري منذ بدء الربيع العربية عندما تبين أن قطر تسعى من خلال الربيع العربي الى تحويله الى ربيع الاخوان وهو كان امرا واضحاً للسعودية وهي لا ترغب به والواضح كان من هذا التحويل توجه قطر الغير علني الى تغيير النظام في السعودية وفي الكويت وفي الامارات عبر استخدامهم التيار الاخواني.
وعاد وحصل اجتماع في تاريخ 30-8-2014 لمجلس التعاون الخليجي وصف باجتماع المصارحة، إلا أن هذه المصارحة لم تحمل اي اتفاق ينقذ العلاقات القطرية مع باقي الدول من مجلس التعاون إنما وجه لها انذار إما التصحيح او العزل السياسي والاقتصادي والثقافي بمعنى أنه سيتم اغلاق الحدود وسحب السفراء.
بعد هذا الاجتماع وهذه التلميحات أو لنقل التلوحيات بدأت قطر تتنازل وتلين صدر بيان بأن المجتمعين اتفقوا على اسس عريضة وانهم سيصلون الى النهاية المطلوبة في زمن محدد.
وكان خبر طرد مجموعة من قيادات الأخوان من قطر يمكن القول فيه أنه من ملامح تنفيذ الاتفاق الذي قيل فيه أن خاتمتة ستكون هي المطلوبة ولكن لو تطلعنا إلى قائمة القيادات الاخوانية المطرودة من حيث الاسماء والعدد لوجدنا وكأنها محاولة لتلميع الصورة القطرية بأننا بدأنا ننفذ الاتفاق.
وحصل الأمر بعد ضغوط مارستها اكتر من طرف ضد قطر لتصحيح مسارها ولكن يبقى الأبرز ضغوط المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الامارات أن يصل بهم الأمر بالتهديد بسحب السفراء واغلاق الحدود كانت هذه الرسالة القوية التي تؤكد أن المسألة لم تعد مجاملات تقليدية وعرفت قطر أن الموقف الثلاثي الخليجي حاسما لأن هذا الثلاثي كان مدرك تماما أن هناك خطورة من موقف جماعة الاخوان المسلمين وأن موقف قطر تجاههم يؤثر على مجلس التعاون الخليجي ويهدده بالصميم، وقطر حاولت أن تختبر مدى جدية الأطراف الخليجية فراهنت على الوقت وظنت ان الموقف لن يكون له صدى ضمن المجلس التعاون الخليجي أو ربما يضعف أو يتراخى لكن ما حدث كان غير ما توقعته قطر فالموقف الثلاثي كان متجه نحو التشدد.
فوضعت قطر بين أن توازن بين مصالحها وما الذي تكسبه من دعم الاخوان المسلمين وخسائرها اذا وصل الامر لسحب السفراء واغلاق الحدود وتجميد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي. فاختارت قطر على ما يبدو البقاء في حضن مجلس التعاون الخليجي.
واعلن قرار طرد سبعة من قيادي الاخوان فمن هي هذه الشخصيات التي طردتها قطر :
1 - وجدي غنيم: عرف بعدائه الشديد لقادة القوات المسلحة، ولا يستحي أن يقول ألفاظًا خادشة للحياء، خلال لقاءاته، وهجومه الشديد على قيادات الدعوة السلفية بمصر.
ومن بين تصريحاته: «الجيش العراقي هرب وحركة (داعش) استحوذت على جميع الأسلحة، والله ساعدهم في ذلك، وذلك سيحدث في مصر لكي نرى آيات الله في المجرمين»، على حد قوله.
كما تداول مستخدمو التواصل الاجتماعي «فيس بوك وتويتر»، صورة للداعية وجدي غنيم، رافعًا «شعار رابعة»، وأمامه مائدة طعام خلال تواجده في قطر.
وهاجم غنيم الشيخ الكويتي مشاري راشد في تصريحاته حول الوضع في مصر، بقوله: «مقرئ كويتي طلع يقول لنا إن الصراع في مصر على السلطة، أومال اللي ماتوا في رابعة العدوية دول إيه، وربنا أطلعك على القلوب عشان تبدي رأيك، وعملت مداخلة مع قنوات الفجر والعهر وانتقدت شيخك يوسف القرضاوي».
2 - عمرو دراج: وزير التعاون الدولي السابق، الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة، لجأ إلى تركيا، وحضر جلسة استماع لمجلس العموم البريطاني في 10 يونيو الماضي، ثم هرب إلى قطر.
ومن بين أبرز تصريحاته، في حسابه على تويتر: «د. هشام قنديل ظلم كثيرًا من الأصدقاء قبل اﻷعداء وآن اﻷوان لاعادة الاعتبار له، بعد أن عملت معه عن قرب علمت لماذا وثق به الرئيس مرسي»، و«سيأتي اليوم الذي يعرف فيه العالم أجمع قيمة الرئيس مرسي، وهو يوم قريب بإذن الله #مرسي_رئيسي»
3- محمود حسين أمين عام جماعة الإخوان المسلمين: تصريحاته تنتقد عادة السلطة الحاكمة في مصر، معتبرًا أن «الكثير من وسائل الإعلام والمسؤولين علموا على تشويه صورة الإخوان، بمحاولات الافتراء والكذب، وهم أول من يعلم أن الجماعة منها براء، كالإرهاب ودعم العنف وغيرها، حتى وصل الأمر ببعض الإعلاميين إلى تحميل الجماعة، زورا وبهتانا، كل فشل، ولكن الله يأبى إلا أن تظهر الحقيقة واضحة رغم كل محاولات الافتراء والكذب»، حسب تصريحاته.
4 - حمزة زوبع: المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة «المنحل». من أبرز تصريحاته أنه «إذا كان سبيلنا الموت فقط فسنموت واقفين، ولسنا دعاة موت بل نحن دعاة استقرار، ومن أتى بنا الشعب وليس الانقلاب». وعلق «زوبع» على مشروع قناة السويس الجديد، في حسابه على تويتر: «سحبوا ودائعهم من بنوك الربا بحثًا عن فائدة أكبر فغرقت البورصة في قناة الوهم الجديدة صدق من قال (طمعنجي بنى له بيت ... سيسي قعد له فيه)»، حسب قوله.
كما علق على أزمة الكهرباء بقوله: «بعد أن ثبت لهم أن السيسي لا يملك لا رؤية ولا يحزنون الآن يطالبون باقالة وزير الكهرباء (الإخواني)، البلد كلها اخوان على رأي الدكتور الجوادي».
5 - جمال عبدالستار: وكيل وزارة الأوقاف سابقًا، والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، ولعل أبرز تصريح له في إحدي لقائته بقناة «الجزيرة» أنه «يوجد تنظيم داعش موجود بمصر اسمه المؤسسة العسكرية.. والمؤسسة العسكرية هدفها تدمير مصر والعمالة لإسرائيل»، وفقًا لتعبيره.
6- عصام تليمة: عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقد أنهى الشيخ عبدالناصر نسيم عطيان، مدير مديرية أوقاف الجيزة، خدمة القيادي الإخواني عصام حلمي محمد عبدالسلام تليمة، لانقطاعه عن عمله، وظهوره عبر «شاشة الجزيرة مباشر» مصر وغيرها، ولتحريضه على العنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها.
ومن أبرز تصريحاته: «مما لا شك فيه أن قاتل المصريين شعباً وجيشاً لا يقل إثمه وجرمه عن قاتل شعب غزة، وجرم وإثم السيسي ومن يعاونه لا يقل عن جرم وإثم نتنياهو وأمثاله».
كما علق على واقعة ذبح قطط بنادي الجزيرة بقوله: «سؤال حقوقي: بمناسبة قتل القطط في نادي الجزيرة هل أنذروهم قبل القتل وهل كان معهم إذن من النيابة العامة وهل جعلوا لهم طريقا آمنا للخروج منه؟»
7- أشرف بدر الدين: عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، ولعل أبرز تصريحاته، هو تعليقه على مشروع قناة السويس الجديد، بقوله في أحد لقاءاته بقناة «الجزيرة مباشر مصر»: «إننا أمام حدث جديد يثبت أن السيسي فاشل وكاذب، والدليل أن الشروط غير واضحة بالنسبة لشهادات الاستثمار والتي لا يمكن استردادها إلا بعد 5 سنوات لفئة الـ 10 جنيه أو الـ 100 جنيه بينما العائد كل 3 شهور لفئة شهادات الألف جنيه ليس عائدًا حقيقيًا»
وحول التوقيت لا يستبعد أن تكون الولايات المتحدة دخلت على الخط لمحاولة منها ترتيب ما يسمى بالتحالف الدولي ضد داعش كان لا بد أن يكون هناك تجانس بين دول مجلس التعاون الخليجي أولا وبناء التحالفات وفقاً للرؤية الامريكية، علما أن دور قطر سيكون على الهامش وليست كفاعل دولي بالمعنى الحقيقي للكملة.
علما أن تصريح مستشار وزارة الثقافة والاعلام جاء ليحدد سبب اتخاذ قطر هذا القرار حيث اعلن أن خطوة الحكومة القطرية تأتي في تنفيذ أحد أهم مطالب اتفاق الرياض لتصفية الاجواء مع الاشقاء. ولكن هذا لا يعني أن هناك تغير استراتيجي بالموقف القطري لأن هناك عناصر اخرى لا تزال قائمة ومنها على سبيل المثال "قضية الموقف في قناة الجزيرة" التي لازالت مستمرة في التحريض وهذا مؤشر أكبر من طرد السبعة من الاخوان على أنها لم تغير استراتيجيتها.
ولكن تشير المعلومات أن قطر بصدد افتتاح قناة جديدة تحت اسم "التلفزيون العربي" ومقر لندن وانه بتاريخ 6-9-2013 وبتمويل من قطر تم تسجيل الشركة وطلب من عزمي بشارة فلسطيني الجنسية أن يقوم بادارته وانها طلبت مؤخراً موظفين للعمل في مجال الاعلام ومكاتب الشركة تم تجهيزها فهل هذه القناة ستكون البديل عن قناة الجزيرة ؟ ولكن هل بالمقابل ستبقى الجزيرة تبث اخبار التحريض والتهجم وان سياسة قطر لا تستطيع ردعها لأنها صارت خارج السيطرة السياسية القطرية وانها لم تعد تدعمها لا من قريب او من بعيد؟ كل هذه الاسئلة وغيرها من اسئلة تتعلق بمصير قيادات الاخوان التي لم يتم وضعها على قائمة المطرودين هي رهن التطورات القادمة؟