وسط الأحداث المتسارعة نحو المجهول والتحليلات السياسية كثرت عن اهمية الضربات العسكرية الأولى على ما سمي بأنه الدولة الإسلامية أو ما يعرف بـ "داعش"، وبعيداً عن كل المواقف التي تتحمل التأويل والتحفظ لبعض الدول العربية في شأن حسم مشاركتها الفعلية في هذه الحملة.
ولكن المتأمل في الاحداث وخاصة فيما يتعلق في الحملة الجوية العسكرية ضد الارهاب في طريقه إلى اخذ منطقة الشرق الأوسط إلى فوضى جديدة لا يعرف حدودها.
وقد واصل التحالف الدولي شن غاراته الجوية على مواقع التنظيم في حين أكد مسؤول أميركي أن عدد الطلعات الجوية التي نفذها الطيران الحربي لبلاده بلغ 4100 طلعة منذ أغسطس/آب الماضي.
يشمل هذا العدد الذي أدلى به الاثنين مسؤول عسكري -فضل عدم الكشف عن هويته- طلعات المراقبة والإمداد بالوقود والغارات.
وتضاف إليه أربعون طلعة جوية قامت بها مقاتلات تابعة للدول العربية الخمس التي انضمت إلى التحالف بقيادة واشنطن منذ 23 سبتمبر/أيلول الحالي.
وأفادت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأن الأردن والسعودية والإمارات والبحرين وقطر شنت 23 غارة جوية في سوريا، بينما شن الطيران الأميركي 66.
وأوضح المسؤول المذكور أنه من أصل الطلعات الأميركية الـ4100، هدفت نحو 1400 طلعة إلى التزود بالوقود للمقاتلات يوم 27 سبتمبر/أيلول من دون أن يحدد عدد طلعات المراقبة.
وإذا استمرت العملية على هذه الوتيرة، فإن عدد الطلعات الجوية في العراق وسوريا سيتجاوز تلك التي نفذت إبان التدخل الأميركي الجوي في ليبيا. وبين أبريل/نيسان ونهاية أغسطس/آب 2011، قامت الولايات المتحدة بـ5300 طلعة جوية في إطار الحملة التي قادها حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ليبيا.
فإن هذه الطلعات الـ 4100 تشير إلى سرعة التحرك واستبقت "داعش" في تنفيذ مخططاته في جنوب الاردن، والمتابع للاحداث يعرف جيداً أن مدينة "معان" تعتبر بيئة حاضة لهم، والتحرك السريع لضرب داعش يأتي أيضا على خلفية وجود معطيات لدى الولايات المتحدة لضربة كبيرة كانت تحضرها جماعة مرتبطة بالقاعدة والتي يعتقد أن الولايات المتحدة كانت تخشى من تنظيم "خراسان" الذي اعتبرته امركيا اكثر خطراً من داعش وتم ضربه في الاراضي السورية، ولا يمكن أن ننسى مخاوف تركيا من داعش وخاصة أن داعش باتت على ابوابها وانفجار الحدود أمر ليس بعيداً في ظل ما يحدث من تطورات عسكرية جاءت لصالح الارهاب.
ونظراً للدور السعودي الذي شكل رأس الحربة العربية لا بل الإقليمي، في التحالف يعكس أنها بدأت تستشعر خطورة التطرف والإرهاب على أمنها وعلى أمن كل دول مجلس التعاون الخليجي إن كان من جهة السياسة أو من الجهة الأمنية.
في نهاية الأمر فإن الحرب ضد الإرھاب في المنطقة عبر هذا التحالف يمكننا اعتباره حرب مفتوحة على كل الاحتمالات واخطر ما في الأمر أنه ليس هناك من سقف زمني محدد وحتى ليس له خطة سياسية ملموسة.
أمام كل هذا نجد أنفسنا أمام حالة يسودها الضباب، والحرب التي ليس لها اهداف سياسية ولا مهل زمنية ستنعكس سلباً على المنطقة وتنتقل من دولة لاخرى لا بل ستتسع دوائرها وتتحول مجرياتها إلى صراع المصالح الدولية في منطقة الشرق الأوسط وهذا الصراع سوف ينقسم بين رافض للحرب وللارهاب وليس لديه رؤية بديلة وبين مؤيد للحرب ضد الارهاب ولا يملك مفاتيح الخطة الزمنية ولا الرؤية الاستراتيجية المستقبلية لسياسة الدول التي تعاني الارهاب.
وامام كل تقدم لا يمكننا إلا أن نذكر أن اوباما حين بدأ حربه بعد ايام طالعنا بخبر فيه الكثير من المصارحة أن اجهزته اخفقت في تقدير الحجم الحقيقي لتنظيم الدولة، عندما اجتاح فجأة مساحات واسعة من العراق، في الأشهر الماضية، مما يشير ويؤكد أن أوباما بدأ تنفيذ خطته على معلومات ناقصة أو بحجة ناقصة في الكثير من علامات الاستفهام تكون انعكاساتها حين نغرق في ظلام الفوضى.