قال رسول الله (ص): " ما إلتفتُ يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أرها تقاتل دوني"
عندما كان رسول الله (ص) يقاتل في غزوة أحد ، كانت أم عمارة " نسيبة بنت كعب" كباقي النساء تداوي الجرحى، فلما رأت أن أعداء الرسول تكاثروا عليه، حملت السيف وأخذت تقاتل مع المسلمين للدفاع عن نبي الله.
مشاركة النساء في الحروب ليست وليدة اليوم خاصةً في حروب الإسلام...لا ليس إسلام الجماعات الإرهابية التي تدَعي أنها تطبق الشريعة الصحيحة، شريعة الخطف والتعذيب وقطع الرؤوس، شريعة الجهل وغسل الأدمغة والإستعباد، شريعة بيع النساء واغتصابهن و دفن حقوقهن ...إنما إسلام الحق ونصرة المظلوم والدفاع عن حقوق البشر مهما كان دينهم.
الرجل الذي يحمل سلاحاً وينطلق ويواجه العدو ويطلق النار عليه، هو في الحقيقة وليد بيئة صنعتها له أم وواكبته أخت وأمنت احتياجاته أخرى وطببته إذا جرح ثالثة ورافقته دعوات مخلصة، فالمرأة شريكة الرجل في جهاده، وحضورها المتميز هو الذي سهل مقدمات النصر. بالإضافة إلى أنها مقاتلة قوية وجبارة تدافع عن ارضها وعرضها ومجتمعها.
مما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع، خبراً تناوله الإعلام مفاده أن تنظيم دولة العراق والشام "داعش" قطع رأس إمرأة قتلت عنصراً حاول اغتصابها!!! فهل كان من المفترض أن ترحب به ليأخذ منها ما يريد ؟؟ هل لأنها دافعت عن نفسها وشرفها وقتلت من حاول أن يهتك عرضها، يُقطع رأسها؟؟ أهذا هو الإسلام الذي يتحدثون عنه؟ أهذه هي النزاهة والشرف الذي يحتضن المرأة ويصونها؟
هذا عن الجماعات المسلحة، لكن ماذا إذا حكمت دولة إسلامية بالاعدام على مواطنة بعد ان أدانتها المحكمة بالمسؤولية عن قتل موظف في وزارة الاستخبارات الإيرانية، خاصة وان المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة اعتبرت بأن القتل المزعوم كان عملا يشكل دفاعا عن النفس، في مواجهة مغتصب.
لا أعلم كيف يتحدثون عن انتمائهم للإسلام ويرفعون رايته وهم لا علاقة لهم به لا من قريب ولا من بعيد.
منذ الاف السنين حتى يومنا هذا، تقع المرأة ضحية الحروب وتواجه الخطف والعنف والإعتداء عليها وبيعها وكأنها سلعة تباع وتشترى. لكن المرأة الضعيفة التي تحافظ على بيتها واولادها وتقف جنباً إلى جنب مع الرجل وتسانده، لم تعد ضعيفة لم تعد خائفة، وُلدت معها القوة والشجاعة لتدافع عن نفسها وتقاتل أي كان يريد أذيتها، فهي قادرة على حمل السلاح تماماَ كالرجل.
بدأت ثورات بلدان الربيع العربي من أجل التطلّع إلى الحرية والبحث عن كرامة الإنسان العربي اللتين داستهما أقدام الدكتاتورية، لكن على الأرض الوضع اختلف، صور وحكايات عن حلقات اغتصاب واعمال تحرش تدنس ساحات الثورات التي كان يفترض ان تكون لها رمزيتها الخاصة.
والأبشع من ذلك عندما نسمع ببدعة فتوى جهاد النكاح، وآخرها ما كتبه داعية على صفحة تويتر وأعلن أن زواج الفتاة المسلمة التي تبلغ 14 عاماً وما فوق أو المرأة المطلقة أو الأرملة جائز شرعاً مع المجاهدين في سوريا.
واستطرد في فتواه أن هذا «الزواج» محدود الأجل ولا يتخطى الساعات. اما الهدف منه فهو إفساح المجال لمجاهدين آخرين بالزواج من هذه الفتاة أو تلك! واعتبر أن جهاد النكاح هذا، يشد من عزيمة المقاتلين ويعتبر من موجبات دخول الجنة.
لكن مجرد نشرها والإعلان عنها، ارتفعت الإعتراضات وواجهت تشهيراً من علماء الأزهر الذين اعتبروها زنى فاضحاً. ومن المفتين من اعتبرها بغاء وفساداً أخلاقياً مع التنديد بالفتيات اللواتي التحقن بمخادع قادة جبهة النصرة استجابة للفتوى المشؤومة.
نساء عربيات يتعرضن للتحرش الجنسي والاعتقال والاغتصاب وحتى التعذيب النفسي والتعنيف، من ميادين التحرير في مصر الى ساحات الموت والمعتقلات في سوريا، وصولاً الى تونس وليبيا، النتيجة واحدة : جرائم مروعة دنست قداسة المكان. وبدل أن تكون ساحات الحرية وميدان التحرير رمزاً لثورة طاهرة اذا بها تتحول مرتعاً للمتحرشين تنتهك فيه حرمة النساء، وتصدر على شرفة فتاوى جهاد النكاح.
هل هذا ما كنا نطمح بتحقيقه في هذا "الربيع العربي"؟؟
قديماً كانت الحروب مرفقة بالسبي وكانت النساء يُسقن كغنائم مملوكة للقائد المنتصر ورجاله. اليوم تغيرت بنية المجتمعات وذهنية الأفراد لكن لا تزال المرأة عرضة للانتهاك والاغتصاب والتحرش الجنسي.
ومن الأمثلة المعاصرة التي استدعت تحركاً دولياً للوقوف ضد اغتصاب المرأة واعتبار ذلك الفعل المشين جريمة ضد الإنسانية، اغتصاب النساء في عدد من الدول الافريقية التي عاشت حروباً وثورات، منها: الصومال، وأوغندا، وراوندا، إضافة الى نساء البوسنة في يوغوسلافيا السابقة والعراق كذلك. والاحصاءات في هذا الحقل مرعبة وتزداد قساوة عندما يحصل الحمل السفاح، وتواجه المرأة مصيرها الشخصي الأسود، عندها لا التقاليد ولا الأعراف الاجتماعية ترحمها ولا حتى الأديان في بعض الأحوال.
واللافت أن المجرم في عمليات الاغتصاب التي تحصل في زمن الحروب والثورات ليس فقط ذاك الجندي أو الميليشياوي، فقد يكون أحد رجالات الدكتاتوريات العسكرية التي تحكم قبضتها على شعوبها نساءً ورجالاً.
"أنا مستعدة دوماً للقتال" تقول كسير، 27 عاماً، وهي تقف تحت أشعة الشمس الحارقة عند نقطة استطلاع أمام ثكنة الوحدة النسائية للبشمركة في منطقة السليمانية، المدينة الثانية في إقليم كردستان. تضيف: "تدربت على ذلك. إذا ما داهمني أي خطر، أحمل سلاحي وأطلق النار. تعهّدت أن أدافع عن أرضي وعن حريتنا".
"الحرب؟ أعرف تماماً ما هي، فقد شاركت في حروبٍ سابقة" تقول العقيد ناهدة أحمد رشيد، قائدة الوحدة النسائية في قوات البشمركة، كانت في الـ14 من عمرها عندما حملت السلاح أول مرّة، انتسبت إلى المقاومة وراحت تنقل المعلومات السرّية، تتذكر: "كنا نسخر مما يقوله الناس. يومذاك، تحولتُ إلى مقاتلة في صفوف قوات البشمركة".
يضم فوج مقاتلات البشمركة اليوم بين 500 و600 امرأة معظمهن ينفذن مهمات مراقبة في المستشفيات أو في مخيمات اللاجئات ضحايا العنف.
لن تنتظر من سيدافع عنها وعن حقوقها، لا جماعات ولا منظمات ولا رجال.. ستحتمي بنفسها وتقوى بروحها.
فرغم كل ذلك القهر التي كانت ومازالت تتعرض له المرأة إلا انها قوية جبارة لا ترضى بالقسوة ولا بالظلم، تدافع عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة...تعلمت كيف تتعايش مع مرارة ظروف الحرب، تعلمت كيف تخوض هذه الحروب حاملة سلاحها بيدها.. نعم هي أنثى لكن البندقية تليق بها في زمن قلّ به الرجال.
بقلم: عُلا الكجك